السؤال:
هل يجوز للمرأة تسريح شعر رأسها ولَفُّه من خلفها بشكل كعكة ونحوها؟
المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل
الإجابة:
لا يظهر لنا جواز ذلك لدخوله في الصِّفة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما بعد، نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رءوسهن أمثال أسنمة الإبل، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس" (رواه أحمد في مسنده)، ومسلم في (صحيحه) (1).
قال النووي رحمه الله في (شرح صحيح مسلم): هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم. وقال أيضاً في (رياض الصالحين) في شرح الحديث المذكور في باب: (تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذلك)، قال: معنى كاسيات: أي من نعمة الله عاريات من شكرها. وقيل: معناه: تكشف بعض بدنها وتستر بعضه إظهاراً لجمالها، وقيل معناه: تلبس ثوبا رقيقا يصف بدنها. ومعنى مائلات: أي عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، ومعنى مميلات: أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم. وقيل مائلات: متبخترات مميلات لأكتافهن. وقيل: مائلات أي يمشطن المشطة الميلاء، وهي مشطة البغايا. ومميلات: يمشطن غيرهن تلك المشطة. ومعنى رءوسهن كأسنمة البخت: أي يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة، أو عصابة، أو نحوها. انتهى كلامه رحمه الله.
فظهر مما تقدم أن التي تعمل الكعكة داخلة في اللاتي عناهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ولاسيما والنساء في هذا الزمان ممن يستعملن هذه الطريقة يزدن شعرهن بلفائف من خرق أو غيرها ليكبرن بذلك حجم الشعر، هذا وقد ورد في الأحاديث لعن الواصلة والمستوصلة، والنهي عن تغيير خلق الله بالوشم وغيره.
فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خَلق الله. قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله! فقالت المرأة: لقد قرأتُ ما بين لوحي المصحف فما وجدته؟ فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل: {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} (2)، فقالت: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن. قال: فاذهبي فانظري. فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا، فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئا. فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها (رواه مسلم) (3).
وينبغي للمرأة المسلمة أن تحرص دائما على أن تظهر بالمظهر الذي يتمشى مع تعاليم ديننا الحنيف؛ وهو التجمل بالأشياء المباحة البعيدة عن التبرج وإظهار مفاتنها أمام الرجال الأجانب، وأن تبتعد عن الخلوة بهم؛ فقد جاء في الحديث: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" (متفق عليه) (4). وأن تكون قدوة لقريباتها، وجيرانها، وأن تقتدي بالنساء الصالحات، وتتباعد عن التشبه بالإفرنج وأشباههم ممن لا يبالون بالستر، ولا يهتمون بالأخلاق، وقد أمر الله نساء نبيه صلى الله عليه وسلم -والأمر عام لهن، ولغيرهن- بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ} (5).
•• والخلاصة: أن الكعكة التي سألتِ عنها تدخل في عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيها تَشَبُّه بالإفرنج؛ فيتعين تركها والإنكار على من فعلها. والله المستعان.
___________________________________________